قبل ذوبان شمعة الأمس..
.
.
إنه يوم آخر، تعلن العصافير بدايته،
تغسل شجرة الياسمين العتيقة أطفالها في مياه الغدير أمام البيت..
ما تزال الشمس كسولةً رغم أنه صباحٌ نيسانيّ..
صوت جدتي الشامخ يرمي الأوامر هنا وهناك..ونساء البيت يهرعن، متسارعاتٍ إلى صحن الدار..
كنت أقف على السلم الواسع دقائق، أشاهد جدتي وهي تعتلي كرسيها في وسط الصالة الواسعة كملكة تجلس على عرشها..
تلمحني بعين قلبها،
فتشير إليّ برأسها.. أهرع إليها، تأخذني بجوارها على العرش
تفتح كيسا بجوارها، تخرج منه بعض حبات المكسرات التي تعلم أني أحبها.. وتطعمني في فمي،
تهمس لي ببعض كلمات، ما زلت أتذكرها..
(كوني ملكة، لا تسمحي للوقت أن يسلبك كرامتك)!
تضمني جدتي إلى صدرها، وتبتسم لي..
تغمض عينيها على وجهي الملهوف عليها.. ويزور الحزن قلبي لأول مرة..
كانت شجرة التوت هي رفيقتي بعد رحيل الجدة!
تدخل صديقتي (علا) تهرول نحوي، كعادتها:
احكي لي عن الجدة!
تنهمر دموعي،
تبتسم جدتي، تشير لي بيدها إشارتها التي أفهمها..
أفتح نافذة الصباح من جديد،
وأسمع صوتها القادم من الصالة الكبيرة..
وأنا على السلم أرقبها، فتلمحني بعين حبها ثم أدخل في كتاب الحكايات من جديد!